الحماية الشرعية والقانونية لحرمة الأنبياء عليهم السلام بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي دراسة مقارنة في ضوء حرية الرأي والتعبير
اقتضت حكمة الله عزّ وجلّ أن يتعرض أنبياؤه ورسله عليهم السلام إلى المحن والابتلاءات وإلى صنوف الأذى المادي والمعنوي من مجرمي أقوامهم الذين حرفوا الكتب السماوية وكذبوا الأنبياء والمرسلين، ونكّلوا بهم، وقتلوا كثيرا منهم، وشوهوا صورتهم بعد وفاتهم، ولم تتوقف هذه الاعتداءات الآثمة حتى في عصرنا هذا، ولا أدلّ على ذلك من التطاول الإعلامي الآبق الذي لحق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من خلال بعض الصحف الغربية بدعوى حرية الراي والتعبير.
لقد تبين من خلال هذا البحث أن جلّ هذه الإساءات المتكررة في حق الأنبياء عليهم السلام عموما، وفي حق المصطفى على وجه الخصوص، ليست جرائم عادية أو عفوية، وإنما هي ظاهرة إجرامية منظمة، تغذيها جهات معادية للدين الإسلامي ولرسوله عليه السلام. هذه الدوائر الإجرامية أعماها الكبر والحسد والنفاق والخوف من الإسلام، وأغراهم ضعف المسلمين وبعدهم عن دينهم، وتفكك روابطهم وضعف اعلامهم، وتطرف بعض أبنائهم، وخيانة حكامهم، وعجز علمائهم.
إن مثل هذه الإساءات لمقام النبوة الشريف، لابد لها من سياسة جنائية رادعة، بدءا بالتدابير الوقائية، ووصولا إلى رصد العقوبات المناسبة لمقترفيها، وتتمثل هذه الحماية –الوقائية- لحرمة الأنبياء عليهم السلام: في بيان حقوقهم المشروعة من حيث تعظيم مقامهم، وتصديقهم والايمان بهم والاعتقاد بعصمتهم وأفضليتهم ومحبتهم وتعزيرهم وطاعتهم والاقتداء بهم، والتعريف بذواتهم وإشاعة محبتهم عليهم السلام، وحضر تصويرهم أو تجسيدهم في مختلف الأعمال الفنية، ومن حقوقهم كذلك نصرتهم والدفاع عنهم بمختلف الآليات والوسائل المتاحة خاصة المجالات العلمية والإعلامية. ومن الحماية الوقائية أيضا: تعزيز حقوقهم على مستوى التشريعات القانونية الداخلية منها والدولية.
ولا شك أن أبلغ حماية لحرمة الأنبياء عليهم السلام هي تجريم فعل الإساءة اليهم بمختلف صورها وأشكالها، كالسب والقذف والاستهزاء وغيرها، كما هو مقرر في الفقه الاسلامي، أي اعتبار هذه الجريمة ردة مغلظة بالنسبة للمسلم، ونقض للعهد مغلّظ بالنسبة لغير المسلم، وهذا التشديد في تكييف جريمة الاساءة إلى الأنبياء والرسل عليهم السلام مقصده الحفاظ على الرسالة (الدين)، وتقديس المرسل (الخالق عز وجل)، وتعظيم ذوات الرسل عليهم السلام، وما يؤسف له أن جلّ التشريعات العربية والإسلامية، فضلا عن التشريعات الأجنبية، لم تول حماية مقام النبوة الاهتمام اللائق بها، حيث صنّفت جرائم الإساءة إلى حرمة الأنبياء عليهم السلام ضمن أبواب الجنح !!
أما عن أركان جريمة الإساءة الى حرمة الأنبياء عليهم السلام، فهناك اتفاق بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي في وجوب توافر الركن المادي بعناصره المعروفة، إضافة الى عنصر العلانية، وكذلك توفر العنصر المعنوي من أجل قيام المسؤولية الجنائية على المسيء، وتقوم المسؤولية الجنائية على المسيء سواء كان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا على القول الغالب في القانون الوضعي، والراجح في الفقه الإسلامي، ولعل أهم اختلاف بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي يكمن في مقدار العقوبة المرصودة لجريمة الإساءة الى حرمة الأنبياء عليهم السلام، حيث قرر الفقه الإسلامي عقوبة الإعدام ضد المسلم المسيء لمقام النبوة الشريف، واعتبره مرتدا عن الإسلام، ولم يعتدّ بتوبته في الراجح، كما قرر العقوبة نفسها -في الراجح- ضد المسيء غير المسلم وأضاف الفقه إلى هذه العقوبة الأصلية عقوبات أخرى تبعية. هذا بخلاف القوانين الوضعية التي نصّت على عقوبة السجن أقصاها سبع سنوات، وقد تستبدل بغرامة مالية على حسب حكم القاضي وقناعته الشخصية.
وفي ختام البحث تم التطرّق الى الآليات الدولية لمكافحة جريمة الإساءة إلى حرمة الأنبياء عليهم السلام، حيث تبين أنه باستطاعة الدول المجرّمة للإساءة إلى مقام النبوة أن تلاحق المسيئين وتحاكمهم في محاكمها الداخلية وفق إجراءات معينة، كما أن هذه الدول تستطيع ملاحقة أيّ مسيء عبر آلية تضمين مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي في تشريعاتها الداخلية، ولعل أهم إنجاز يمكن استحداثه في هذا الشأن هو تنظيم المسؤولية الجنائية الدولية على اقتراف جرائم الإساءة الى حرمة الأنبياء عليهم السلام، خاصة أن هذه الجريمة تعدّ -من خلال البحث والدراسة- من الجرائم الدولية التي يستوجب على المجتمع الدولي أن يصدر في شأنها قانونا دوليا يجرّمها ويعاقب عليها. ويضع الإجراءات الخاصة لمتابعتها والتحقيق فيها وملاحقة مرتكبيها، وذلك نظرا لخطورتها على الأمن والسلام العالمي.
Citation
M. SEDID Belkheir,
(2024-12-04),
"الحماية الشرعية والقانونية لحرمة الأنبياء عليهم السلام بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي دراسة مقارنة في ضوء حرية الرأي والتعبير",
[national], دار أحلام للنشر
الوصية بالتبرع بالأعضاء - دراسة مقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الجزائري
اعتمدت عديد الدُّول مقاربات تُشجِّع مواطنيها على توثيق رغبتهم في التَّبرُّع بأعضائهم بعد الوفاة، وذلك باعتباره بديلاً آمنًا عن مخاطر وتعقيدات انتزاع العضو من إنسانٍ حيٍّ بُغية زرعه في بدنِ آخرَ. ولأهمِّية هذا الموضوع، والذي يعتبر من النَّوازل الفقهيَّة والقانونيَّة المعاصرة، كان بحثنا في هذا المضمار تحت عنوان: الوصيَّة بالتَّبرُّع بالأعضاء – دراسة مقارنة بين الشَّريعة الإسلاميَّة والقانون الجزائري، وقد عالجنا إشكاليَّته المتمثِّلة فيما يلي: إلى أيِّ مدَى وُفِّق المشرِّع الجزائري في ضبط أحكام الوصيَّة بالتَّبرُّع بالأعضاء وكذا تحقيق الانسجام مع قواعد الشَّريعة الإسلاميَّة في تنظيمها؟ هذه الإشكاليَّة حاولنا تناولها ضمن خطَّة تتضمَّن بدايةً الوصيَّة بالتَّبرُّع بالأعضاء في الشَّريعة الإسلاميِّة، تليها الوصيَّة بالتَّبرُّع بالأعضاء في القانون الجزائري، لنخلص بعد ذلك في الخاتمة لمجموعة من النَّتائج، أهمُّها أنَّ الوصيَّة بالتَّبرُّع بالأعضاء يمكنها أن تكون سببا في إنقاذ أرواحٍ كثيرة، وأنَّها تتوافق مع قواعد الشَّريعة ومقاصدها، وكذلك الإشارة إلى اعتماد المشرِّع الجزائري لأُطر قانونيَّة وتنظيميَّة لضبط العمليَّة وأخلقتها.
Citation
M. SEDID Belkheir,
(2024-12-01),
"الوصية بالتبرع بالأعضاء - دراسة مقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الجزائري",
[national]مجلة قبس للدراسات الانسانية والاجتماعية, جامعة الشهيد حمه لخضر - الوادي - الجزائر
الآليات القانونية الدولية لمكافحة الإساءة للمقدسات الدينية"
يتحدث المقال عن الآليات الدولية القانونية عموما والجنائية على وجه الخصوص التي من شأنها ملاحقة المسيئين للمقدسات والرموز الدينية ومتابعتهم قضائيا . كما يتحدث عن طرق وأساليب سعي الدول العربية والإسلامية إلى استصدار قوانين جانية دولية من شأنها مكافحة هذه الجرائم العقائدية الخطيرة والتي من شأنها المساس بأمن واستقرار المجتمع الدولي. ،
Citation
M. SEDID Belkheir,
(2022),
"الآليات القانونية الدولية لمكافحة الإساءة للمقدسات الدينية"",
[national]مجلة العلوم الإسلامية والحضارة بالأغواط, بلخير سديد
الحماية الجنائية الدولية لمقام النبي محمد صلى الله عليه وسلم
تطرقت المداخلة إلى بيان المركز القانوني الدولي لمقام النبوة ، وعالجت سبل وآليات قمع هذه الجريمة الشنيعة على المستوى الدولي، وبيان مدى خطورة مثل هذه الجرائم العقدية على الأمن والسلام العالميين. والدعوة إلى استصدار قانون دولي يجرّم الإساءة لجناب الأنبياء عليهم السلام ورصد عقوبة مناسبة لهذه الجريمة العقائدية الخطيرة.
Citation
M. SEDID Belkheir,
(2022),
"الحماية الجنائية الدولية لمقام النبي محمد صلى الله عليه وسلم",
[national]الحماية الشرعية والقانونية لمقام النبي صلى الله عليه وسلم, كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية جامعة مسيلة
تطرقت هذه المداخلة إلى بيان أثر التشدد والتنطع في الشريعة الإسلامية على الحقوق الشرعية للمرأة وبيان مدى سماحة الإسلام وتوازنه في إقرار الحقوق المشروعة للمرأة ،
Citation
M. SEDID Belkheir,
(2020),
"أثر الغلو في الدين على حقوق المرأة",
[national]قضايا المرأة في الفقه الإسلامي بين التأصيل ودعاوى التجديد, كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية جامعة مسيلة